أبدت دول الخليج اهتماماً واسعاً خلال السنوات الأخيرة في عملية تدوير وإعادة استخدام النفايات؛ في تعزيز مصادر الطاقة، أو دعم الاقتصاد الداخلي ورفد الموازنات السنوية.

واعتمدت دول مجلس التعاون الخليجي في العام 1997 نظاماً موحداً لإدارة النفايات، للتحكّم في عمليات إنتاج وتخزين ونقل ومعالجة النفايات، والتخلّص منها بطريقة تحافظ على البيئة، وتمنع في الوقت نفسه آثارها الضارة على صحة وسلامة الإنسان على المدى القريب والبعيد.

وقدّرت دراسة أصدرتها مؤسسة “استشارات خليجية”، ونُشرت في سبتمبر/أيلول الماضي، حجم النفايات الصلبة في مدن دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 80 مليون طن سنوياً، شكّلت نفايات قطاع البناء والهدم 53% منها، والبلدية الصلبة 33%، والصناعية 14%.

وتخصص معظم دول الخليج أماكن واسعة لجمع النفايات وطمرها، وتسعى لإعادة تدويرها كلياً، والاستفادة منها وجعلها مصدراً للطاقة أو للمساهمة في تهيئة بيئة صحية أكثر للإنسان، حيث تشير العديد من الدراسات إلى أن عملية التدوير تقلل من نسبة التلوث، وترفع ترتيب الدول على مؤشر البيئة السنوي الذي تصدره منظمة الصحة العالمية.

ونجح العديد من الدول الصناعية الكبرى في تحويل تحديات إدارة شبكات الطرق والمياه والكهرباء والصرف الصحي والنفايات البلدية إلى فرص أسهمت في تحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية وبيئية كبيرة، وتعتمد دول الخليج خططاً عدة لمواجهة التحديات في هذا المجال، مع النمو المطرد في عدد السكان، والطلب المستمر على موارد الطاقة والخدمات.

– الكويت وخطط التدوير

أنشأت الكويت وحدة إدارة أبحاث النفايات بمعهد الكويت للأبحاث العلمية، في أبريل/نيسان الماضي، وتجري تدشيناً لها خلال السنوات الخمس المقبلة، وتعمل على توصيف كل أنواع النفايات، وإيجاد تقنيات حديثة لإعادة تدوير جميع أنواع النفايات، والتوعية المجتمعية، بحسب مدير الوحدة سلطان السالم.

ويعتبر السالم الحمأة النفطية الناجمة من عمليات تكرير البترول والنفط الثقيل مصدراً ثميناً يمكن إعادة تدويره باستخدام تقنيات حرارية ملائمة لطبيعتها، إضافة إلى فاعليتها في عدد من الوحدات الصناعية كوقود بديل، فضلاً عن جدوى المواد الحفازة المستخدمة في مصافي تكرير البترول، وبالأخص من الشق المعدني لها كمصدر بديل للمعادن، وفق ما نقلت عنه صحيفة “القبس” الكويتية.

وتعتبر المواد الغذائية (العضوية)، التي تشكل 50% من النفايات البلدية الصلبة، فعالة ومفيدة في إنتاج الأسمدة العضوية عالية الجودة، إضافة إلى إمكانية إنتاج غاز الميثان، الذي يسهم في توليد الطاقة الكهربائية، وهو ما يعتبر مجدياً في ظل معدلات استهلاك مرتفعة للطاقة في الكويت، بحسب السالم.

– مبادرة قطرية

شرعت قطر بإجراء دراسات حول استخلاص الغاز العضوي المنبعث من النفايات، وإعادة تدويره لاستخدامه كوقود عضوي لتشغيل السيارات التي تعمل على الوقود الثنائي.

واعتبر الشيخ فالح بن ناصر آل ثاني، وكيل شؤون الخدمات العامة بوزارة البلدية والبيئة في قطر، في تصريح له، أن توجه قطر حول تدوير النفايات واستخدامها كوقود عضوي أحد الحلول المهمة والناجعة في مجال المحافظة على البيئة، وحماية الموارد الطبيعية في البلاد، وتحقيق التنمية البيئية المستدامة في ضوء رؤية قطر 2030.

حمد جاسم البحر، مدير إدارة معالجة النفايات في الوزارة، قال إن وزارته ستجري عملية تجميع كميات الغاز العضوي الناتج عن معالجة النفايات، وتقوم بضغطه وتنقيته لاستخدامه في العربات والمركبات، وتشغيلها بالوقود الثنائي؛ الديزل والغاز المستخلص من النفايات العضوية.

وأكد البحر بتصريح صحفي، عزم الوزارة دراسة مشروع تشغيل سيارات على الغاز العضوي، واستثمار وشراء وحدة ضغط ومعالجة الغاز الطبيعي، ووحدات تحويل العربات لتأهيلها لتصبح ثنائية الوقود “ديزل وغاز”.

– السعودية وصعوبة التدوير

من جهتها، تصل كمية النفايات في السعودية إلى 12 مليون طن سنوياً، بمعدل 1.25 كيلو للفرد الواحد، بحسب ما يؤكد ممثل وكالة الصناعة في وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في السعودية، فارس الشدوخي، مشيراً إلى صعوبة إعادة تدوير البلاستيك، وكذلك تعقيد مرحلة تجميعه، التي وصفها بـ “أصعب المراحل”، وذلك خلال ورشة عمل نظمتها الوزارة بعنوان (إعادة تدوير البلاستيك)، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفي حال استثمرت المملكة إعادة البلاستيك بشكل جيد فإن ذلك سينعكس على زيادة الناتج المحلي بأكثر من 250 مليون ريال سنوياً، وتوفير 300 فرصة استثمارية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والمحافظة على البيئة، والتخلّص من النفايات البلاستيكية، وزيادة الصادرات، بحسب الشدوخي.

– فوائد التدوير

ومع أن عملية إعادة التدوير تسهم في المحافظة على البيئة، وتقلّل نسبة التلوث، وتسهم في الحفاظ على الموارد والطاقة، وتقلل الاستهلاك، وترفع كفاءة العمليات الإنتاجية، وتسهم بتوفير الطاقة وحماية الأراضي من المواد الضارة والسامة الناتجة عن الصناعات الاستخراجية والتحويلية، فإن هناك فوائد اقتصادية كبيرة أخرى.

حيث توفر العملية 700 كغ من البترول الخام في كل طن من البلاستيك المسترجع، واسترجاع 1 كغ من الألمنيوم يوفر نحو 8 كغ من مادة البوكسيت، و4 كغ من المواد الكيماوية، و14 كيلووات/ساعة من الكهرباء، وكل طن من الكرتون المسترجع يوفر 2.5 طن من خشب الغابات، وكل ورقة تقتصد 1 لتر من الماء، و2.5 وات/ساعة من الكهرباء، و15 غراماً من الخشب، حسبما قالت رئيسة مجموعة عمل الإمارات للبيئة، حبيبة المرعشي، في تصريح سابق.

وأشارت المرعشي إلى دراسة أجراها مركز أبوظبي لإدارة النفايات مؤخراً، تبيّن أنّ الاقتصاد الإماراتي يخسر 1.5 مليار درهم سنوياً نتيجة عدم إعادة تدوير النفايات.

– نفايات خطرة

وتتولد معظم النفايات الخطرة من الصناعة، إضافة إلى محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية، التي تعتبر من أكثر مصادر المخلفات النووية، وتنقسم إلى النفايات الصناعية السائلة والصلبة والغازية.

والمركبات النفطية تعد من أخطر النفايات السائلة، وهي نواتج سائلة تتكون من خلال استخدام المياه في عمليات التصنيع المختلفة، أو بقايا مواد مصنّعة؛ مثل الزيوت، أو مياه الصرف الصناعية، وتلقى في المصبّات المائية؛ سواء الأنهار أو البحار أو المحيطات. أما النفايات الصناعية الصلبة فتتكون أثناء مراحل التصنيع وتحويل المواد الأولية إلى مواد جاهزة، أهمها النفايات الناتجة عما يعرف بـ “الأوحال الزيتية” من عمليات إنتاج البترول.

وتتكون النفايات الصناعية الغازية من الأبخرة الناتجة من مداخل المصانع الخاصة، التي تنفث في الهواء الجوي. أما النفايات المشعة فهي المواد التي تحتوي على بعض النظائر المشعّة الناتجة عن استخدام الطاقة النووية.

وتشير تقارير إخبارية إلى أن ألمانيا وبلجيكا وسويسرا والنمسا وهولندا أكثر خمس دول تقدماً في معالجة وتدوير النفايات، ثم تحويلها إلى سماد، بنسبة 50 – 63%، في حين تحول النسبة الباقية إلى طاقة، وتبقى نسبة قليلة تذهب إلى المكبات.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *